في سلسلة “التعرُّف إِلى التراث اللبناني” لدى منشورات درغام: كتاب “زيارة إِلى المتحف الوطني في بيروت” وضعتْه بالفرنسية نَصاً ورسوماً آنّي دوسيه زوقي وصدر في 48 صفحة حجماً مربَّعاً وإِخراجاً أَنيقاً تستسيغه الشبيبةُ التي لأَجلها تصدر هذه السلسلة.
مستهَلُّ الكتاب خارطةٌ ملوّنة لبيروت وفي قلبها المتحف الوطني. والكتاب قصةُ فتْيان وفتَيات أَنسباء بين العاشرة والرابعة عشرة جاؤُوا من البرازيل وفرنسا وإِسـﭙـانيا وﭬـنزويلا وأُستراليا والولايات المتحدة يُمضون الصيف مع عائلاتهم في لبنان، وقرَّروا القيام بزيارة إِلى المتحف الوطني في بيروت.
تلاقَوا عند درج المدخل والتقاهم الدليل يشرح لهم عن تاريخ المتحف الذي بدأَ بناؤُه سنة 1930 ودشّنه رئيس الجمهورية أَلفْرد نقاش في 27 أَيار 1942. وكان الدافعَ إِلى تأْسيسه اكتشافُ ناووس قديم جداً في حفريات مدينة جبيل. ثم يدخل الأَولاد إِلى المتحف يتجوَّلون في الطابق الأَرضي بين تماثيل وفسيفساء ونواويس مختلفة الأَحجام بعضُها جيء به من مدينة صُوْر.
يتوقف الأَولاد طويلاً أَمام ناووس أَحيرام ويصغون إِلى شرح الدليل، ثم ينتقلون مبهورين أَمام فسيفساء تمثل زوس بشكل ثور أَبيض يخطَف أُوروپ بنت ملك صُوْر، ويندهشون لمعرفة أَنّ قارة أُوروﭘـا اليوم تحمل اسم ابنة ملِك من لبنان، خطَفها كبيرُ الآلهة وأَمر أَبوها الملِك أَخاها قدموس أَن ينطلقَ للبحث عنها ففَعَل ونشرَ الأَبجدية التي اخترعها وهي اليوم أُمُّ أَبجديات العالم.
وينتقل الأَولاد إِلى الطابق الثاني من المتحف فيعاينون أَغراضاً صغيرةَ الحجم كنوزاً وجواهرَ وحليّاً وحجارةً نادرة كانت توضع في النواويس مع الموتى.
وتكون خاتمة الزيارة في الطابق السفلي تحت الأَرض حيث بقايا المدافن المحمولة من صُوْر إِلى المتحف، وعليها نقوشٌ وتصاويرُ أُسطورية جميلة، ويَشرح لهم الدليل مآثرَ وأَمجاداً من زمن الفينيقيين وفضل اكتشافاتِهم على تقَدُّم الإِنسانية.
الفصل الأَخير من الكتاب دليلُ معلوماتٍ خاصٌّ بما ورد في النص من أَسماء وتواريخ ووقائع عن المتحف ومصادر موجوداته من بيبلوس وصيدا وصُوْر وبعلبك وبيروت وتل عرقة وكامد اللوز، وعن النواويس من المراحل الفينيقية والرومانية، وعن الكتابات والنقوش والأَشخاص الأُسطوريـين والحِلى والكنوز وقصة اكتشاف الأُرجوان على شط صُوْر. وختام هذا الفصل ثَبْتٌ قاموسيٌّ بكلمات وأَسماء يجدر بالأَولاد تَعَلُّمُها وحِـفْظُها واستعمالُها في أَحاديثهم وكتاباتهم لإِغناء معلوماتهم العامَّة عن وطنهم لبنان.
كتاب “زيارة إِلى المتحف الوطني في بيروت” يحملُ في صفَحاته، بِــلُــغَــةٍ فرنسية سلسة، إِشراقاتٍ عن تراث لبنان التاريخي، على تلامذة لبنان أَن يَعرفوها كي يعرفوا أَنَّ وطنَهم ليس أَيّما وطن بل هو منارةٌ في الزمن الماضي ويجب أَن يحافظوا عليه كي يظلَّ منارةً للزمن الحاضر ولكل زمنٍ آتٍ تُـهَـيِّـئُـه الأَيام.
هـنري زغـيب email@henrizoghaib.com