هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

بلى: رئيس الجمهورية حاضر
“أَزرار” رقم 1292
“النهار”- السبت 11 تشرين الثاني 2023

لعلَّ من أَسوإِ ميكروبات المجتمع أَن يكون فيه ناسٌ متشائمون سلبيون نقَّاقون لا يعجبهم عجَب، ولا يَرَون من اليوم الكامل إِلَّا ليلَه الداجي.. بين هؤُلاء مَن قرأُوا مقالي الماضي (“أَيًّا يكُن الرئيس: خلاصُهُ فريقُ نُخبَويين”- “أَزرار” 1291- “نهار” السبت 4 تشرين الثاني 2023) فَقَلَبُوا شفاههم ورأَوا فيه كلامًا تنظيريًّا لن يتحقَّق.. كم أَكره هؤُلاء التنظيريين الذين لا صفة لهم سوى العُقْم والنعي واللعو والرغو وتحطيم المعنويات وتهديم كلِّ ما يبدو طالعًا صوب إِيجابية بنَّاءة.

سوى أَن هؤُلاء وأَشباههم لن يَثْنوني برهة عن مواصلة دأْبي في استشراف مستقبلٍ أَراه آتيًا من وراء مآسي الحاضر ومسبِّبيها من سياسيين حاليين تسلَّقوا السُلطة منذ عقود ورفعوا السُلَّم وراءَهم كي لا يبلُغَها سواهم، وأَخذوا يبطشون في التحكُّم، متمترسين خلف الدين والمذهب والعُرف والوراثة حتى يكادوا يجعلون الحكْم في لبنان تيوقراطيًّا أو توتاليتاريًّا.

بلى: رئيس الجمهورية الـمُنتَظَر موجود وجاهز.. في لبنان هو، كما بين الـمَهَاجر اللبنانية في العالَم.. المهم أَن نخلع الفاسدين عن كراسيهم ونُتيح له أَن يأْتي ويحكُم بالصلاح والإِصلاح.. فلن يَصلُح لبنان إِلَّا هكذا، ولن يُصلح لبنانَ إِلَّا رئيسٌ يعي الخصوصيةَ اللبنانية ومكانةَ لبنان في التاريخ والحضارة، ويعرف كيف يُدير لبنان الواحد بفروقاتِه واحترامِ التنوُّع اللبناني غير الإِلغائي، والتعدديةِ اللبنانية ضمن وحدة الانتماء دون الـمسّ بالهوية العامة التي لا تمحو الهويات الخاصة.. ولبنان منذ عقود طويلة رائدٌ في جمْع العائلات الروحية تحت سماء واحدة يتفيَّأُها الجميع متمايزين متميِّزين عن المجتمعات المحيطة ذات العائلة الروحية الواحدة بمرجعيتها الوحيدة.

ليس من التنظير التغنِّي بمجاورة الكنيسةِ المسجدَ في أَكثر من واحة في لبنان، بل هو من الواقع المختلِف الـمُغاير الطالع من جذور الإِيمان بالأَرض الواحدة لشعب واحد يخرج من مسجده أَو كنيسته أَو خلْوته ليدخل في فضاء لبناني واحد لا انتماء فيه إِلَّا للعلَم اللبناني.

هذه هي الذاتية المتنوعة التي تسجِّل مُواطَنَةً واحدة متنوعة الحقولِ الخصيبة، مُوحَّدَة الجنى على بيدر الوطن الواحد.. وهذه هي مساحة الحرية التي أَسسها أَجدادنا الـمُباركون فلجأَ إِليها ناشدو الحرية واستوطنوها معنا مشيحين حتى عن واحتهم الأُم.. ففي عُرف لبنان الاعترافُ بالآخَر الـمُختلف، والحوارُ الحضاري الذي يُغْني ولا يُفْني، لتكونَ الشراكةُ بنَّاءة بنيانيًّا ومجتمعيًّا.. من هذا المفهوم اللبناني الذي جسرُه الحوار، نعتنقُ لبنان وطن السلام والتلاقي مع الحفاظ على الخصوصية  لدى كل عائلة إِنما تحت سقف واحد من التنوُّع الـمُغْني.

بهذا الأَعلاه، وبالكثير شبيهِه بعد، يتكرَّس لبنان وطن الحياة والحرية والسلام والجمال متفرِّدًا في محيطه.. فحتى الذين كانوا ذات فترة يتطلَّعون إِلى ضَمِّه أَو اتحاده بالسوى، عادوا فارعَوَوا حين شعروا أَنهم خارجَه أَو بعيدًا منه ليسوا سوى حبوب رمل في أُوقيانوس، فعادوا رافعين جبينهم بـــ”لبنان أَوَّلًا وأَخيرًا وبين بين”، وعاد إِلى لبنان ذووه جميعُهم يَحمونه من التصدُّع.

بلى: رئيس الجمهورية الـمُنتَظر موجود وجاهز بين أَكفياء كثيرين مثله في لبنان أَو خارجه، ويعرف كل هذا الأَعلاه.. صعوبتُه الوحيدة أَن ناخبيه ليسوا من متنوِّري الشعب بل من جمهرة نواب جاء بهم  بعضٌ من الشعب ببَّغائيٌّ أَغناميٌّ اتِّباعيٌّ عميانيًّا.. لكن نقطة ماء تنزل تكرارًا متواصلًا على بقعة واحدة من حجر القلعة، تحفُر في هذا الحجَر أُخدودًا عميقًا.

أَنا نَذَرتُني هذه النقطة من الماء.. وفي لبنان ومَهَاجره كثيرون مثلي ناذرون مؤْمنون بهذا اللبنان الساطع، وسوف يَنزلُون تكرارًا متواصلًا نقاطًا متتالية على ضمائر المواطنين حتى يتعمَّم الوعي فيخلَعَ شعبُنا وَرَثَة الزعامات والإِقطاع عن كراسيهم، ويدخل الرئيس الذي يكون جهَّز حكْمه كي يكون رئيسًا حاسمًا حازمًا حاكمًا عهدَ لبنان الجديد.

                                                                                                               هـنـري زغـيـب

email@henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib