كأَنما هذا الأُسبوع فضاءٌ سمْح على النجاح اللبناني في العالَـم، وكأَنَّ على أَقلامنا أَن تظلَّ حاضرةً جاهزةً لرصْد هذا الفضاء اللبناني العالَمي تعويضًا عن وُحُول الأَرض التي يمرِّغ بها شعبَنا حقيرو السياسة من كل نسل وجنس ونوع.
طالعَنا في الأَيام القليلة الماضية انتخابُ أَمين معلوف أَمينًا عامًّا دائمًا للأَكاديميا الفرنسية، ونجاحُ طبيب القلب خليفة خليفة عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، بين 348 عضوًا، لمدة ست سنوات عن منطقة موزيل الحدودية مع أَلْمانيا واللوكسمبورغ، وهو أَول لبناني يدخل مجلس الشيوخ في فرنسا.
على أَن الفضاء اللبناني في العالَم أَوسعُ من أَن ينحصر بنجاحٍ أَو حدَثٍ أَو انتخاب، لأَن اللبنانيين في العالَم، أَينما حلُّوا، يسجِّلون حضورًا ساطعًا يلفت إِليهم إِعجابَ محيطهم وتقديرَه واحترامَه. من هؤُلاء اللامعين: العالِـم الدكتور مصطفى عماد الأَمين، الخبيرُ الخصيب الجنى الذي يشغل اليوم المركز الأَرفع رئيس قسم تطوير الأَعمال والأَبحاث لدى شركة Insmed في مدينة برِدْجْوُوتر – ولاية نيوجرزي الأَميركية) وهي المتخصصة في تطوير أَبحاث الأَمراض الرئوية والأَمراض النادرة الناتجة عن إِحادية المنشأ والطفرات الجينية. وهذا اختصاص صعب ونادر حتى في الولايات المتحدة. الْتقيتُه للمرة الأُولى في واشنطن قبل أَكثر من عشرين عامًا، وكان نابضًا باكتنازه علُومًا حدَسْتُ من يومها أَنْ ستوصله إِلى حيثما بات اليوم عالِمًا في اختصاصات صعبة ونادرة.
مصطفى نال البكالوريوس في علم الأَحياء من الجامعة الأَميركية في بيروت، وأَكمل في جامعة لافال (كندا) فنال منها الماجستير في جزيئات طب الغدد الصماء، وانتقل بعدها إِلى جامعة شيربروك (كندا) ونال منها دكتوراه بيولوجيا الخلية في علم المناعة. ولم يكتفِ طموحُه اللبناني، وهو ابن الجنوب اللبناني الصلْد، فانتقل إِلى بالتيمور (ميريلند) محصِّلًا فيها من جامعة جونز هوبكنز شهادة ماجستير في التكنولوجيا الحيوية، وماجستير في إِدارة الأَعمال. وهكذا تجمَّعت لديه خبرة نادرة في حقل علم الحياة، فتلقَّفَتْه مراكزُ أَبحاث رئيسةٌ بلغ فيها أَعلى المناصب، منها الرئيس العالمي للبحث وتقييم علم المناعة لدى مؤسسة AbbVie في شيكاغو، ومدير البحث والتقييم العالمي لدى مؤسسةAstraZeneca في مجال الجهاز التنفسي والالتهابات والمناعة الذاتية، ورئيس قسم الشؤُون العلمية في مؤسسة Emergent BioSolutions (غايتسبورغ – ميريلند) المختصة في التطوير والتشخيص المبكر للأمراض المعدية والدفاع البيولوجي لتطوير لقاحات ضد الحروب البيولوجية، ومدير الأَبحاث لدى مؤَسسةDynport Vaccines في فردريك (ميريلند) ورئيس فريق برنامج اللقاح التصحيحي وتطوير لقاح سرطان الجلد في الجيش الأَميركي لدى وزارة الدفاع الأَميركية، وهو عضو المجلس الاستشاري لدعم الأَبحاث وتطويرها وجذب رؤُوس الأَموال إِلى ولاية ميرلند.
ولا ينتهي تعداد مسؤُوليات عليا أُخرى تولَّاها هذا اللبناني الجنوبي الذي نشأَ في بيتٍ عمادُه والده الدكتور عماد الأَمين ووالدته الدكتورة سلوى الخليل الأَمين، مؤَسِّسَي “ندوة الإِبداع” و”ديوان أَهل القلم”. سوى أَنه طار من بيت العلم في لبنان إلى قصور العلم العالَمية، حاملًا في سنواته الخمس الخمسين خبرةً علمية عليا، وفي قلبه نبضًا للبنانه الذي يحمله معه نفَسًا طيبًا من أَرومة جنوبه الطيب، فيزدهي به العلْم في العالَم، ويزدهي به – وبالمبدعين أَمثاله – وطنُه لبنان.
هـنـري زغـيـب
email@henrizoghaib.com