أَشهر المنحوتات في تاريخ الفن (3 من 3)
12-12-2023 | 21:27 المصدر: بيروت- النهار العربي
أَبراهام لنكولن في مقعده
بعد عشرة أَعمال في الجزءَين الثاني والثالث من هذه الثلاثية عن أَشهر التماثيل في تاريخ الفن، هنا في جزء ثالث أَخير خمسةٌ أُخرى من التماثيل التي باتت أَيقوناتٍ خالدةً في مسار فن النحت في العالم.
فماذا عنها؟
11. تمثال “المفكِّر” لـرودان: كان رودان، في الأَصل عندما أَنجزه سنة 1880، سمَّاه “الشاعر”، ليكون متصدِّرًا القسم الأَعلى من منحوتته الضخمة “أَبواب الجحيم” (1907). أَما تسمية “المفكِّر” فتعود إِلى عمَّال المسبك الذين عملوا على صب المنحوتة الضخمة، إِذ وجدوا تشابهًا قويًّا بين الرأْس عند رودان والرأْس في منحوتة ميكالانجلو “المفكر” (1530). ومذذاك لم يعد “مفكِّر” رودان جزءًا من المنحوتة الكبيرة بل بات مستقلًا، وتَمَّ عرضه منفصلًا نحو 28 مرة في مناسبات عدة، قليلُها على حياة رودان. والتمثال اليوم يتصدر الأَعمال الخالدة في متحف رودان، وغالبًا ما تُستعمَل صورته عند الحديث عن الفلسفة.
12. “التواصُل في الفضاء” لأُومبرتو بوكشيوني: مع أَن هذا النحات الإيطالي توفي في الثالثة والثلاثين (1882-1916)، ترك بصماتٍ واضحةً على فن النحت الحديث. وهو اشتهر بأَشكال منحوتاته الطليعية الرائدة ذات جماليات الرؤية الجديدة، ونجح في سبك خط جديد عُرف بدينامية الشكل وتكسير الأَشكال المأْلوفة التقليدية الجامدة. ومنحوتته “التواصل في الفضاء” هي قمة أَعماله الطليعية من حيث فكرته وتنفيذه. فالحركة فيه – كمَن تَـجُرُّه العاصفة – تشير إِلى أَنه يطال الحداثة دون التنكر للتذكير بالماضي في بعض الملامح. من هنا العبارة الشهيرة لأُومبرتو: “فلْنفتح جناحَي الشكل، ولْنُبْقِهِ على حقيقته أَيًّا يكن محيطُه”.
13: تمثال “أَبراهام لنكولن”: صمَّمه دانيال شِسْتِر ونفَّذَ نحْتَه بالرخام الإِخوة بيتشيريلّي سنة 1920. كان التصميم في الأَصل كي يكون علوُّهُ نحو 3 أَمتار، ويوضع على مدخل المكان المخصص للرئيس الأَميركي السادس عشر، لكنه زاد فخرج على نحو 6 أَمتار من أَسفل القاعدة إِلى أَعلى الرأْس، يبدو فيه لينكولن في لحظة تأَمُّل عميقة جالسًا في مقعد ذي جلال كما هو اليوم على مدخل الجناح التذكاري الخاص به. ومنذ 1930 أَخذ هذا الجناح يتَّخذ بُعدًا آخر يتمثَّل بكونه رمزًا للعلاقة بين الأَعراق في الولايات المتحدة.
14. “عصفور في المدى”: هذا التمثال، وهو واحد من سلسلة في الموضوع ذاته والعنوان ذاته، وضعها النحات الروماني كونستانتان برانْكوزي (1876-1957) كان عرضُ أَولها قبل 100 سنة (1923). سبعة من تلك “العصافير” منحوتة بالرخام وتسعة أُخرى مصبوبة بالبرونز. وعوض الإِخراج بنَحت الشكل المأْلوف للعصفور، ذهب برانكوزي إِلى نحت “الحركة” والشعور بانسيابها في الفضاء. هكذا: جرَّدَ العصفورَ من جناحيه وريشه، وأَطال منقاده ووسطه، فبرزَت أَكثرَ حركةُ انسيابه في الفضاء. وكان لافتًا سنة 2005 تنظيمُ ورشة عمل حول “العصفور”، تركيزًا على التوازُن والموازاة والتناسق، ما جعل التمثال يُباع في المزاد عامئذٍ بمبلغ 23،3 مليون دولار، ما كان يومها مبلغًا قياسيًا فريدًا غيرَ مسبوقٍ لسعر عمل نحتيّ. واليوم تستقرُّ نسخةُ “العصفور” الرخامية في صدارة متحف المتروبوليتان في نيويورك.
15. “الكلب البالوني”: قد يكون جِفْري كونْزْ (م. 1955- بنسيلفانيا) أَحد أَبرع النحاتين في القرن العشرين، خصوصًا الجدل الذي يقام دومًا حول منحوتاته الطليعية الغريبة شكلًا ومضمونًا. من هذه مثلًا، منحوتتُه “الكلب البالوني” من الستانلس الصلْب مع غشاء شفاف، كان أَغلى منحوتة تصدُر على حياة صاحبها إِذ بيعت في المزاد سنة 2013 بمبلغ 58،4 مليون دولار. وكانت تلك النسخة إِحدى سلسلة شبيهة نفَّذها كونْزْ بأَغشية أُخرى ملوَّنة من أَزرق وأَحمر وأَصفر وأُرجواني، تَمَكَّن بها من تحويل لعبةٍ للأَطفال إِلى عمل فني راقٍ و… خالد.