الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ حروفٌ، مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو معنى، ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
وللكلمة مدلولٌ ذو بُعدٍ شَخصيٍّ وعاطفي واجتماعي وروحاني ومهني وارتباط بالموقع وبشخصية مستخدمها. ولها معناها الاصطلاحي من هنا علاقتها بالمعنى والمدلول والسياق.
وللكلمة تاريخها وأصلُها وهُويتها: هل هي بنتُ لغَتِها؟ مركّبة؟ مستوردَة من لغة أخرى؟ مترجَمة عن لغة أخرى؟
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامها لديك أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد أجوبة وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني، وجوزف أبي ضاهر، هنا جواب الأمينة العامة للّجنة الوطنية لليونسكو السيدة سلوى السنيورة بعاصيري. هنري زغيب
email@henrizoghaib.com
___________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
6) سلوى السنيورة بعاصيري : الحياة
الأربعاء 14 تموز 2010
إنها كلمتي الأَحَبّ، الزاخرة بالمعاني.
لا لكثرة تأويلات من يعيشها.
ولا لاختلاف تفاسير مَن يرقبها، وتَنوُّع شروح من يرصدها، وتَعدُّد قراءات من يستطلع راهنها وما انقضى إلى ما هو آت ومرتقب فيها.
بل لأنها سِرُّ الوجود، ونبض المخلوقات، وتداخُل التنوُّع، وتمازُجُ الروحانيات بالماديات، وجدلية العلاقة بين الشيء وعكسه، وحركية الانتقال بين التناقضات وداخلها.
وهي تَجلِّياتُ هذه الأمور جميعها.
فهي: حضارةٌ وإبداعٌ، تقهقرٌ وإخفاقٌ، علْمٌ ومبادئُ، جهلٌ وضلال، حوار وتواصل، صراعٌ وانقطاع، عدالةٌ وتسامُح، تسلُّط وأحقاد، تقارُبٌ وتضامُن، نفورٌ وعداء، ثراءٌ وبناء، فقرٌ وإهدار، عطاءٌ وتشارك، أنانيةٌ واستئثار، نزاهة ونقاء، خبثٌ ومكائد، إتّزان واعتدال، تطرُّف وإسراف، انفتاح وتفاعُل، تزمُّت وانغلاق، أحلامٌ وآمال، مرارةٌ وانكسار.
الحياة هي هذا كله وكثير سواه، ودائماً عود على بدء، بلبوس جديد وأساليب مغايرة ومقاربات مختلفة.
لكنها، في المحصِّلة، تسير دائماً بوتيرة أعلى نحو مزيدٍ من سيطرة الإنسان على مُحيطه، وقليلٍ من سيطرته على قدره.
مسرحُ تناقضات هي الحياة.
وستبقى هكذا إلى أن يدرك المرء معنى الحياة، فيكتشف كنهَ ذاته وجوهر الذات الالهية .
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة السابعة: الدكتور جوزف جبرا