هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

2- مؤتمر دولي استثنائي تفتتحه… الموسيقى الكلاسيكية

3 نيسان 2007 العدد 12153 السنة 36

سبعة وعشرون رئيس دولة أوروبية (الأسبوع الماضي في برلين) وقفوا احتراماً للموسيقى الكلاسيكية ليلة الاحتفال بمرور نصف قرن (1957-2007) على لقاء روما الذي منه بدأت التحضيرات لتأسيس الاتحاد الأوروبي.
لم يكن في الاحتفال خُطَب حماسية ولا نشيد أية دولة من السبع والعشرين المشاركة، ولا عرضحالات “أيديولوجية أو قومية أو سياسية أو عنترية” بل إطلاق أسهم نارية خارج متحف روما (مكان ذو دلالة حضارية) بعد انتهاء “أوركسترا الشباب السمفونية التابعة للاتحاد الأوروبي” من عزف سمفونيا بيتهوفن التاسعة (اعتمدها الاتحاد الأوروبي منذ نشأته “النشيد الاتحادي”: خيار آخَر ذو دلالة حضارية).
إنها الموسيقى العالية افتتحت احتفالاً بحجم 27 دولة في ما هو أكبر من مؤتمر قمّة، بل لقاء استثنائي في مناسبة استثنائية، كي يخطط المجتمعون الرؤساء (رغم فروقات بينهم وتباينات غير سهلة) كيف يمكن أن يطوّروا اتحادهم للخمسين سنة المقبلة.
حدث غير عادي متوّج بعبقرية موسيقى كلاسيكية خالدة هي دليل رقي الدول في تُراثها الحضاري، تتباهى به الشعوب ويعتمده الرؤساء في المناسبات الكبرى. والأوركسترات السمفونية التي تجوب العالم في كونشرتُوات عالمية، هي أفضل سفير حضاري لبلدانها ينقل مستواها العالمي.
الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية (لا بشهادة مؤسسها ومديرها وقائدها الدكتور وليد غلمية وحسب، بل بشهادات قادة أوركسترا عالميين ضيوف أداروها في أمسيات عديدة منذ تأسيسها سنة 2000 حتى اليوم) بلغت مستوى عالي الاحتراف، وأصبحت قادرة على أداء أصعب الأعمال السمفونية. لكنّ الدولة اللبنانية (المشغولة بانقساماتها وزيادة الشرخ والعار) لم تبادر بعدُ إلى إرسالها في جولات عالمية تحمل خلالها وجه لبنان الحضاري إلى العالم الحضاري. ولا أظن دولة عربية (أرجو أن أكون مخطئاً) بادرت إلى إرسال أوركستراها السمفونية إلى العالم رسولة لها وسفيرة فوق العادة كي يتعرف العالم إلى بصمتها الحضارية (الأهم بكثير من حفلات موسيقية شعبية أو فولكلورية أو مغنين يشاركون في مهرجانات غناء وطرب) .
لا يكفي الدول العربية أن تكون لدى واحدتها أوركسترا سمفونية تقيم أمسيات موسيقية داخل البلاد لشعب البلاد، بل المطلوب تنصِيع صورة هذه الدولة بإيفادها أوركستراها السمفونية في جولات حول العالم، سفارة حضارية متجولة على أعلى مستوى، لا تقدّم أوراق اعتماد من بلادها إلى رؤساء الدول، بل تقطف لبلادها انطباع الإعجاب والتقدير من شعوب العالم.
فلنتعلّم من 27 رئيس دولة أوروبية كبرى وقفوا احتراماً للموسيقى الكلاسيكية العالية الخالدة في كل زمان ومكان، واعتمدوا نشيدهم الاتحادي الواحد الموحد الوحيد سمفونيا عبقري ألماني عاش 57 سنة فقط وغاب قبل 180 سنة ولا يزال حياً في كل بلد من الدنيا، اسمه لودفيك فان بيتهوفن.