22 أيار 2007 العدد 12202 السنة 36
مُحزنة هذه الإحصاءات التي تصدر دورياً عن واقع العالم العربي في قطاعات النشر أو التربية والتعليم أو الترجمة، وجميعُها تصفعنا بواقع يُرينا كم نحن (في هذه القطاعات) لا نزال هناك، عند مَجاهل القرون السالفة، فيما سوانا (في البلدان التي تلحق بالتطور) يتنافسون في بلوغ غدٍ أفضل لشعوب القرن الحادي والعشرين.
وكيف لا نَحزن حين نكتشف (عن إحصاء منظمة اليونسكو) أنّ “العرب مُجتمعين يترجمون سنوياً أقلّ من كتاب واحد لكل مليون شخص” فيما أسبانيا وحدها تنتج 920 كتاباً لكل مليون شخص! وبينما اليابان وحدها تترجم سنوياً نحو 30 مليون صفحة، الأفضل ألاّ نذكر كم صفحة يترجم العالم العربي كله في السنة. من هنا أهمية المبادرة التي أعلنتها في بيروت قبل فترة مؤسسة البابطين بإطلاق “مركز البابطين للترجمة” تحفيزاً للتلاقح الفكري بين الحضارات بنقل تراث هذه إلى العربية (هل من يتّعظ؟).
وعن إحصاءات يونسكويَّة أخرى أنّ الولايات المتحدة أصدرت من الكتب عام 2006 نحو مليونين و200 ألف عنوان، وأميركا اللاتينية نحو 42 ألف عنوان، بينما العالم العربي (300 مليون نسمة موزعة على 22 دولة) نادراً ما يصدر فيه كتاب يطبع أكثر من خمسة آلاف نسخة، ويسعى الناشر إلى “اختراع” مناسبات لترويجه في لقاءات توقيع للمؤلف خلال معارض الكتب.
وعن إحصاء آخَر أنّ كل فرنسي يقرأ ثمانية كتب في السنة، بينما العربي (في جميع دول الجامعة العربية مُجتمعة) لا يقرأ في السنة إلاّ… ربع صفحة، على حساب أن العالم العربي يصدر في السنة نحو 5600 كتاب.
وفي إحصاء أخير لمنظمة اليونسكو (التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع وواقعه وتوقعاته لعام 2007) أنّ 6 ملايين طفل عربي لا يدخلون المدارس (بينهم 59% بنات)، وأنّ الأميين العرب سنة 2015 يبلغون 55 مليوناً.
هذه الأرقام ليست للتشفّي ولا للشماتة (هل من يشمت بحاله وبأهله؟) وإنما للاتعاظ ونداء المسؤولين في الحكم، في حكم أية دولة عربية، إلى أن التكنولوجيا لا يكفي أن نستوردها من الغرب ونستعملها لاستخداماتنا اليومية (غير قادرين أن نضيف عليها فكرة أو تطويراً) بل لتوظيفها في إيصال التعليم إلى مساحة أميين أوسع، وفي إيصال الكتاب (موضوعاً أو مترجماً) إلى مساحة قراء أوسع، وفي جعل المواطن العربي يَخرج من قوقعة “غيتو الجهل” الذي هو فيه، إلى فضاء أوسع من الوعي والثقافة والقراءة والتعلُّم والاطّلاع ويتمكن من مواكبة العصر فلا يظل الغرب مربط شتائمه وحقده لأن بعض الحكام العرب يصوّرون الغرب عدوّاً شيطاناً.
لا يكفي أن نوفر للمواطن العربي تسهيلات الفضائيات (لعينيه) والكومبيوتر (لأصابعه) وسائر عائلة التكنولوجيا (لخدمته)، بل المطلوب تثقيف العقل العربي (ومبدعوه في العالم غير قلائل) حتى يجيء يوم (ولو بعد وقت مطاط طويل) يَخرج فيه المواطن العربي من تُهمة… العالم الثالث.