الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ حروفٌ، مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو معنى، ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
وللكلمة مدلولٌ ذو بُعدٍ شَخصيٍّ وعاطفي واجتماعي وروحاني ومهني وارتباط بالموقع وبشخصية مستخدمها. ولها معناها الاصطلاحي من هنا علاقتها بالمعنى والمدلول والسياق.
وللكلمة تاريخها وأصلُها وهُويتها: هل هي بنتُ لغَتِها؟ مركّبة؟ مستوردَة من لغة أخرى؟ مترجَمة عن لغة أخرى؟
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامها لديك أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد أجوبة وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري، هنا جواب رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور جوزف جَبرا. هنري زغيب
email@henrizoghaib.com
_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
7) الدكتور جوزف جَبرا: الصداقة
الأربعاء 21 تموز 2010
يتحدَّث عنها الكثيرون، لكنّ قلّةً بينهم يعيشونَها.
ويكتُب عنها الكثيرون، لكنّ قلّةً منهم يُطبّقون ما يكتُبون.
صدرَت عنها كلماتٌ جميلةٌ، لكنّ جمال الكلمات عنها لا يعادلُ تطبيقَها على وجهها الأمثَل.
الصداقةُ ليست كلمةً تُحكى أو تقال أو تُكتَب ثم تنقضي.
إنها “فعْلٌ” يُعَاش ويُحَسّ ويُلْمَس يُقْتَدى به، حتى تَصْدُقَ وتُصبحَ في “الفعْل”.
وهي لا تَصْدُقُ إلاّ إذا تَجَسَّدَت في الآخَر، في الصَّديق، وهو نادر.
المعارف كثيرون، إنما لا يكون صديقاً إلاّ من يُثْبِتُ أنه صَديق.
الصديق لا يكون بالقول ولا بالوعد، بل بالفعل والعمل.
الصَّداقةُ فعل. عملٌ لا يتقنه كثيرون. من هنا قول العرب إن المستحيلات ثلاثة: الغول، والعنقاء، والخِل الوفِيّ.
الصَّديقُ هو مَن يُخْلِصُ قولاً وفعْلاً، حُضوراً وغياباً.
ليس صديقاً من يَنمُّ على صديقه أو ينمُّ له، ولا من يَغدُر بصديقه، أو مَن يَطعَنُ في صديقه، أو من يَخونُ صديقَه انتهازياً، أو مَن يُخاصِمُه لأيّ سبَبٍ، مهما كان السبَب.
الصداقةُ هي الإخلاص والوفاء والعطاء.
والصَّديقُ هو مَن يُثْبِتُ أنه مُخْلِصٌ ووَفِيٌّ ومعطاء.
كلمتي الأَحَبّ؟ الصَّداقة، حين تكون جوهَراً في الصديق الذي، حين يَصْدُقُ، يصبح هو الجوهر.
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الثامنة: زهيدة درويش جبُّور