15 تموز 2008 العدد 12618 السنة 37
مرةً أخرى يطلّ لبنان من الكويت، معزَّزاً بما لدى الكويتيين من حب لبنان. فالتظاهرة التي شهدَتْها العاصمة الكويتية الأُسبوع الماضي (قاعة “الراية” في فندق “ماريوت كورت يارد الكويت” ختاماً لمهرجان “بْحبَّك يا لبنان”: عرض شريط وصوَر عن أماكن سياحية وأثرية في لبنان، ومشاركة السوبرانو الكويتية أماني الحجي بتوليفة رحبانية أوبرالية للبيانو وضعها المؤلف الموسيقي اللبناني عبدالله المصري بأُسلوبه التأليفي الخاص ونفّذها البيانيست البولندي بارتك ريباك، وإطلاق الموقع الإلكتروني www.bhebakyalubnan.org، والحضور دعوات خاصة لسفراء وقناصل ودبلوماسيين ورجال أعمال) دلت مُجدداً على ما للبنان في قلوب الكويتيين، وما للجالية اللبنانية في الكويت من ثقة بين الكويتيين تَجعلُهم يتقاطرون الى أيّ احتفال ذي علاقة بلبنان، خصوصاً لدعم السياحة في لبنان ودعم عودة الدورة الاقتصادية الى لبنان.
بلى: إنها، مرة أخرى، وردةُ حب الى لبنان من الكويتيين والجالية اللبنانية الرائعة في الكويت. مرة أخرى ترفع دولة الكويت حبها الى الدرجة القصوى من النبل الناضح للبنان، لبنان الذي لا يطلب من إخوانه إلاّ مبادلتَه الوفاء، هو الذي وقف معهم جميعاً، وحمل قضاياهم جميعاً، ودافع عنهم جميعاً، واستقبلهم جميعاً ضيوفاً وأهلاً ولاجئين، واحتمل عنهم جميعاً، وجعل قضيتهم قضيته، وكان صوتَهم ومنبرهم وجريدتَهم وملجأَهم وحزبَهم وإيديولوجياهم وشارعهم، ولو أحياناً على حساب شوارعه وأمنه واستقراره.
كلُّ ما طلب لبنان ويطلب في أزماته ومحنه وزمانه الصعب: بعض الوفاء له، والانتصار لاستقلاله واستقراره، لا كرمى له وحسب، ولا تضامناً مع أهله وحسب، بل إنقاذاً للعرب أنفسهم، هم الذين يعرفون كم لبنان ضرورةٌ لَهم أن يظلّ كما هو لبنان بصيغته المغايرة.
وقياساً على الكويت، حبّذا لو تقتدي كل جالية لبنانية في كل بلد عربي وغربي، فتنهض الى نشاطٍ مُماثل يكون الى هدف مُماثل: دعم السياحة في لبنان. فكيف نطلب من الآخرين المجيء إلينا وتشجيع سياحتنا، إن لَم نبادر نَحن أولاً الى ذلك، سواء في لبنان، أو في أي واحد من بلدان الانتشار اللبناني في العالم؟
“بْحبَّك يا لبنان من الكويت”: فلتتعمَّمْ على كل جالية لبنانية في كل بلد من العالم كي يتعمَّم على العالم لبنانُ الحقيقي، لبنانُ المتميّز المتفرّد المغاير، فيغسل من ذهن العالم صورة لبنان سياسي جعله سياسيوه مشلّعاً قبائلَ وطوائفَ وعشائرَ ومزارع سياسية ومَحسوبيات وزبائنيات، وديوكاً سويدية تتناطح من أجل حقيبة وزارية.
ومن اليوم حتى تتحقَّق هذه الأمنية ذات يوم، تبقى الكويت رئة لبنانية نقيّة، لا مطامع لَها في لبنان سوى حب لبنان، ولا مطامح لها سوى أُخُوّة لبنان، ولا “هيمنة” لَها ولا “وصاية” إلا على منافسة البلدان الأُخرى في حب لبنان.
“بْحبَّك يا لبنان من الكويت”؟ نعيدها من هنا، من بيروت، من قلب لبنان: “بْحبّك يا كويت من لبنان”، جواباً عن وفاء الكويت مثالاً على أُخُوَّة لا ترضى لبنان تابعاً ولا مستزلماً ولا مستسلماً، بل تريد لبنان، كما هو لبنان: منارٌ ضئيلُ الجغرافيا والديموغرافيا، لكنه عالَميُّ الإشعاع من عقله المبدع.
وهذا هو، في حقيقته التاريخية، لبنان اللبناني.