هنري زغيب
Follow us on Facebook
Follow us on YouTube

63- … وإلاّ فليسوا مستاهلين تمثيل شعب لبنان

24 حزيران 2008 العدد 12597 السنة 37

لَم تكد فرحتُنا تكتمل – مع انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ومبادرة الإخوة العرب الى إلغاء حجوزهم في أوروبا وتَحويلها الى بيروت لتمضية الصيف في ربوع لبنان – حتى عادت الفرحة تَخبو من جديد مع إعادة الإخوة العرب تبديلَ حجوزهم من جديد وتَحويلها من بيروت الى العواصم والبلدان الأوروبية خشية مَجهولٍ قد يَحصل بسبب تعّثُّر تشكيل حكومة في لبنان تُخاصر جهود رئيس الجمهورية في استعادة الأمن والأمان والاطمئنان الى ربوع لبنان.
وما نقوله عن الإخوة العرب قد لا ينطبق تَماماً على أهالينا وأحبابنا وأبنائنا الذين – في الأميركتين أو أوروبا أو كندا أو أفريقيا أو دول الخليج – حجزوا ليأتوا الى كنَف بيتهم وأهلهم في لبنان لبضعة أيام صيفية أو أسابيع. ذلك أنهم، ما إن عاينوا وصول الرجل الثقة العماد سليمان الى قصر بعبدا، حتى استعادوا الثقة بإمكان العودة أياماً هانئة الى بلدَتهم الأُمّ. والذين حجزوا، لم ولن يغيّروا حجوزهم رغم تأَخُّر تشكيلَ حكومةٍ لم يكونوا أصلاً ينتظرونَها، بل ينتظرون انتخاب الرئيس، ليقرِّروا العودة.
هكذا إذاً: بعد ستة أشهر من الفراغ الرئاسي، وهلعِ اللبنانيين في لبنان والخارج من وصول لبنان الى حافة المهوار، اجتاز لبنان “قطوع” الفراغ الرئاسي يوم اجتمع المسؤولون العرب في الدوحة، وساهموا في إرضاء الحردانين، وإقناع المتصلّبين، وتورية الموتورين والمتوتّرين، وتشخيص أمراض الشخصيين والشخصانيين والاستشخاصيين. وها نَحن اليوم من جديد، بلغنا حتى اليوم أربعة أسابيع من الفراغ الحكومي، بحكومة تصريف أعمال، وكلما مـرّ يوم برز قضيبُ زعرورٍ جديدٌ بعُقَدٍ جديدة لا تنفكّ عقدةٌ منه حتى تَبْرُزَ عقدٌ لا تنتهي.
فكيف ينتهي تشكيل الحكومة، حين في الأيدي جميعها (مُواليِّها والْمُعارض، أكثَريِّها والأقلّيّ) ينشب قضيبُ زعرور يُمسك طرفيه متناتشون كيديون، يريدون اقتسام قالب الجبنة، كلٌّ بحسب مصالحه الشخصية وأمراضه الشخصانية، ويوغر أزلامه المسعورين ومَحاسيبه وقطعانه ومزرعته وقبيلته وعشيرته ووسائل إعلامه في غسل الدماغ بأنه يعمل لمصلحتهم، فيما هو لا يعمل إلاّ لمصلحته الفردية.
فهل من حاجة الى “دوحة” أُخرى لتشكيل الحكومة بعد الدوحة التي أدّت الى انتخاب رئيس الجمهورية؟
إن كان الأمر كذلك، فيا ألف عيب الشوم عليهم، ويا ألف لعنة الأجيال: يبدو لبنان للعالم، بسببهم، كأنه قاصر عن تَوَلّي أمور حكمه، وكأنه في حاجة الى تَدَخُّل الآخرين دائماً كي يصطلح ويتصالح.
هذه المرة – إن كان الأمر كذلك، ولَم ينْضَووا في كنف رئيس الجمهورية الذي أجمعوا عليه – فلْيذهبوا الى الدوحة أو الى أية دوحة أخرى تُصْلحهم وتُصالحهم.
ولكنهم، هذه المرّة، أكيداً هذه المرّة، لن ندعهم يعودون، لأنَّهم يكونون أثبتوا أنهم فعلاً لا يستاهلون أن يكونوا مُمثّلين عن شعب لبنان.