الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد اثنين وعشرين جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي وألكسندر نجار وجورجيت جبارة وغازي قهوجي وسمير عطالله وإلهام كلاّب البساط وأنطوان مسرّة وفاديا كيوان وريمون جبارة وسلوى الخليل الأمين، هنا الجوابُ الثالث والعشرون من الكاتبة والصحافية ندى عيد.
هنري زغيب
email@henrizoghaib.com _____________________________________________________
_________________________________________________________
_____________________________________________________________
23) ندى عيد: الياسمينة
الأربعاء 10 تشرين الثاني 2010
لزهر الياسمين رونقٌ خاص.
لا أعرف متى أحببته.
لكني أعرفُ أنني متعلقة بهذه الشُجيرة المتّكئة دلالاً على الأسوار والشرفات.
أَذكرُها في بيت جدّتي عند أعلى الدرج الصخري غير المتناسق.
كان مقعدي المفضَّل تحت ظلال ياسمينةٍ عتيقة لم يفقدها نضارتَها الزمن، فظلّت تُشرف على الطريق في فخر، وتحاور البحر بلا تعب.
كبرتُ مفتونةً بزهراتٍ بيضٍ صغيرةٍ، زكيةٍ، متواضعةٍ، شديدةٍ الأنوثة.
أحببتُها مصدرَ فرحٍ لي، فزرعتُ عند شبّاكي ياسمينةً جعلتُ زيارتَها من طقوسي اليومية.
وحين يشتدُّ البرد شتاءً، أَستأذنها لأضعَ منها “عرقاً أخضر” في مزهريةٍ مُخصصةٍ للياسمين وحده دون سائر الأزهار.
وتواصلَت رحلتي مع الياسمين.
كتابي الأخير “الياسمينة تسرِّح شعرها” فصلٌ من علاقة مُميَّزة حملتْني في طفولتي، وأحملُها معي أينما أذهب.
وقبل أشهُر سجَّلتُ إضافةً رائعة حين زرتُ مدينة غراس الفرنسية، المشهورة بياسمينها، وفي بيوتات العطر العريقة هناك، تعرّفتُ على عطورٍ من الياسمين وحدَه دون سواه.
“السيّدة البيضاء” ملكة العطور.
وحين عدتُ من هناك، كان معي، في قارورةٍ صغيرة، عطرُ ياسمين أستعيض به عن شوقي إلى ياسميننا البلدي الأبيض، والى ياسمينتي التي تركتُها، وأتمنى ألاّ يضنيها الفراق!
كلمتي الأَحَب؟
إنها “الياسمينة”.
وبكلّ ما يَختزنُه ماضينا المشترَك من ذكرياتٍ وتواطُؤٍ وَوُعودٍ بِمستقبل يَحمل لونَها.
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الرابعة والعشرون: هنري العويط.