28 آب 2007 العدد 12300 السنة 36
تعود ظاهرة “عجائب الدنيا السبع” الى قصيدة (من سنة 140 ق.م.) للشاعر أنتيباتر الصيدوني (صيدا لبنان اليوم) ذكر فيها المواقع السبعة. وهو أقدم الموجود بعد ضياع نصٍ للمؤرخ اليوناني هيرودوتس (484- 485 ق.م.) في حريق مكتبة الإسكندرية. ولا سند تاريخياً لنص البيزنطي فيلون (ق2 ق.م.) قيل إنه وصفُ رحلة بحرية له محصورة في حوض الأبيض المتوسط.
تلك المواقع القديمة السبعة هي: معبد أرتِميس في أفسُس (تركيا)، حدائق بابل المعلّقة (العراق)، الضريح الملكي في مدينة هاليكارناسوس القديمة (بودروم اليوم في تركيا)، تمثال هيليوس إله الشمس على مدخل جزيرة رودُس (اليونان)، منارة الإسكندرية، تمثال زوس العملاق على جبل الأولمب (اليونان)، أهرامات الجيزة الثلاثة في مصر (الوحيدة الباقية حتى اليوم).
ثم كانت للعصور الوسطى عجائبها السبع كذلك: مبنى الكولوسيوم (روما)، مقبرة الإسكندرية، سور الصين العظيم، الأنصاب الحجرية القديمة (ويلتشاير- إنكلترا)، برج بيزا المائل، البرج الخزفي في نانجين (الصين)، ومسجد أيا صوفيا (القسطنطينية).
ومؤخراً شاء الكندي السويسري برنارد ويبر (مخرج ومدير متحف) أن يؤرخ “عجائب الدنيا السبع” للقرن الحادي والعشرين فأطلق الفكرة قبل ست سنوات وأسس لها شركة تجارية في سويسرا: “نيو سفِن ووندرز” (العجائب السبع الجديدة) أتى لها باختصاصيين وضعوا لائحة أنشأ بها مسابقة توسّلت تصويتاً عالمياً شارك فيه (بالهاتف الخليوي أو بالإنترنت) نحو 100 مليون شخص من كل العالم اختاروا سبعة مواقع من بين 21 موقعاً هي: مسرح الأكروبول (اليونان)، قصر الحمراء (غرناطة)، هرَم تشيتْشِن إيتزا لقبائل المايا (المكسيك)، تمثال المسيح المخلّص (على قمة ريو ديجانيرو في البرازيل)، مجسَّمات إيستر لند (التشيلي)، برج إيفل (باريس)، مسجد أيا صوفيا (اسطنبول)، معبد كويميزو (كيوتو اليابان)، أطلال قبائل إينكا في مدينة ماتشو بيكتشو الأثرية (البيرو)، قلعة نويسجوانستاين (ألمانيا)، أهرامات الجيزة (القاهرة)، مدينة أنكغور (كمبوديا)، تمثال الحرية (نيويورك)، دار الأوبرا (سيدني)، ضريح تاج محل (الهند)، سور الصين العظيم ، قصر الكرملين (موسكو)، مبنى الكولوسيوم (روما)، قلعة تُمبوكتو (مالي)، بترا (الأردن)، معالم ستون هنج (بريطانيا). وصدرت نتيجة التصويت (7/7/2007) فإذا المواقع السبعة الأكثر استقطاباً للأصوات: سور الصين، مدينة بترا، تمثال المسيح المخلّص، أطلال قبائل إينكا، هرم تشيتشِن إيتزا، مبنى الكولوسيوم، وضريح تاج محل.
وفوراً وجَّهت منظمة اليونسكو انتقادات عنيفة لـ”تسخيف تجاري” أدى الى اختيار تلك المواقع فقط، بينما قائمة التراث العالمي تشمل 660 أثراً حضارياً و166 معْلماً طبيعياً، بحسب دراسات علمية موثّقة ومسندة وكاملة الملفات. من هنا: لا قيمة علمية أو أكاديمية لهذا الاختيار السُّباعي الجديد سوى بهرجة سياحية تستقطب سياحاً الى البلدان التي (ومبروك لها) تضم تلك المواقع.
الشاهد من كل هذا النص: ضرورة تأهيل المواقع الأثرية في بلداننا كي تكون نقط جذب سياحي تستند إليه كبرى الدول لتغذية خزينتها. وفي الدول العربية مواقع وواحات ومراكز وآثار طبيعية وتراثية ومصنَّعة يمكنها (لو تأهّلت) أن تجعل المنطقة العربية واحة جذب سياحي تعوّض عن صبغة سياسية يرى إليها العالم الغربي بنظرة منفوقية لا بدون بعض الحق.
في كل بلد عجائبُ للدنيا سبعٌ، بل سبعون، بل سبعمئة. المهم أن نعرف كيف نلفت إليها العالم، إعلاماً وأعلاماً، كي نرصّع صورتنا بتراث لنا عبقري يجعلنا جديرين بصدارة العالم في هذا العصر.