الحلقة 189: الإشارة في السيارة ليست للنظارة
(الخميس 4 تشرين الثاني 2004)
أذكر، حين تقدّمت الى فحص قيادة السيارة في حزيران 1966، أن مَدّ اليد كان إلزامياً لأمرين عند الوقوف والانعطاف يميناً أو يساراً. وكثيراً ما كنتُ أرى السائقين يمدون أيديهم خارج نافذة السيارة عند رغبتهم في تغيير وجهة السيارة لتنبيه السيارات اللاحقة وراءَهم.
اليوم، بطُلَت هذه العادة بوجود إشارات سير حمراء أو برتقالية أو صفراء في مؤخرة السيارة. غير أن معظم السائقين، وخصوصاً الشباب الأشاوس، لا يستعملون الإشارة في السيارة، معتبرينها من الزوائد غير الضرورية.
وثمة قسم آخر لا يستعملها إلاّ للدخول في مفارق أو منعطفات يُمنةً ويسرة. غير أنّ للإشارة في السيارة دوراً مهماً آخَر غير الانعطاف في الْمفارق. فعندما يشاء السائق التوقُّف الى جانب الطريق، عليه أن يستعمل الإشارة. وعندما يريد أن ينتقل من خطّ أبيض الى خطّ أبيضَ آخر على الطريق، عليه أن يستعمل الإشارة. وحين يريد أن يُجاوز سيارة أخرى عليه أن يستعمل الإشارة اليسرى حتى إذا عاد الى خطّه في القسم الأيمن من الطريق بعدما يتجاوز السيارة، عليه أن يستعمل الإشارة اليمنى ليعود الى يمين الطريق.
ولكن، أين نحن على طرقاتنا من التزامِ السائقين استعمالَ الإشارة عند كل تَحرُّك على الطريق؟ وكيف نطلب مِمن يزاولون وقاحة الْمرور على الضوء الأحمر أن يلتزموا بأمر أبسطَ كثيراً: هو استعمال الإشارة عند كل تغيير في حركة السيارة يمنة ويسرة؟
لا عذر لأحد في ذلك، طالَما معظم اللبنانيين يسافرون الى الْخارج ويرون كيف تظل إشارات السيارات غمّازة على الطرقات يمنةً ويسرة لتنبيه السيارات اللاحقة أو الْمقابلة.
ولكن، مرة أُخرى، كيف نطلب هذا الأمر من سائقين يَحملون رخصة قيادة ولم يتقدموا من فحص قيادة السيارة، أو تقدموا شكلياً، أو لا يَجدون من ينبّههم الى هذا الأمر الْحيوي الذي، في التربية الْمدنية، يوفر الكثير من حوادث الصدم على الطرقات.
إن للدولة تلفزيوناً خاصاً بها يُمكنها استخدام شاشاته للتوعية على أخلاقيات السير وقواعده، ويمكنها على ما أظن، تعميم أفلام قصيرةٍ توعويةٍ عن مبادئ السير على شاشات التلفزيونات العاملة في لبنان.
إلاّ إذا كانت الدولة، هي أيضاً، تعتبر الإشارة في السيارة فقط للنظارة، وتَحتاج الى من ينبّهها دائماً الى استعمال الإشارة.