الحلقة 186: هل هذا بوليس سير؟ أم متواطؤٌ على السير؟
(الإثنين أول تشرين الثاني 2004)
لم يُخبرْني أحد. جرت الحادثتان أمامي أول أمس السبت على بُعد أمتار واحدتُها من الأُخرى.
الأُولى على إشارة السير أمام بيت الطائفة الدرزية. الإشارة حمراء. والسير متوقِّف من الجهتين المتقابلتين. على الإشارة فتاةٌ تصرُّ لبوليس السير على التوجُّه يساراً صوب قريطم، وهذا ممنوع ويجب الذهاب الى المستديرة خلف البريستول للعودة الى التوجُّه باتّجاه قريطم. الإشارة لا تزال حمراء والفتاة تصرّ والبوليس يقول لها إن التوجُّه الى اليسار ممنوع. وحين أضاءت الإشارة خضراء، أقلعت الفتاة وتوجّهت يساراً في الاتجاه الممنوع. تقدّمت من البوليس ألومه، فأجاني بوجه بليد مسطّح أبله: “وشو بعملّك. مصرّه تقطع. خليها تقطع. شو بدي إلحقا؟”.
الحادثة الثانية بعد أمتار قليلة على إشارة السير عند تقاطع عائشة بكار. الإشارة حمراء ونحن متوقفون. أضاءت الإشارة خضراء، توقف السير من تلة الخياط والحمراء، وأقلعنا باتّجاه كركول الدروز. وما سرتُ بضعة أمتارٍ حتى أوقفنا بوليس السير لتقطع الطريق ثلاث سيدات. اقتربتُ منهُ وسألته لماذا لم يمرر السيدات قبل ثوانٍ حين الإشارة حمراء والطريق خالٍ فيقطعن الطريق بأمان. زجرني البوليس الأشوس وبادرني بوجه بليدٍ مسطح أبله: “ما بتعرف إنو أولوية المرور للمشاة”؟
هذان نموذجان من نماذج رجال شرطة السير نراهم كل يوم واقفين عند إشارات السير أو على التقاطعات والمستديرات: واحد يعلك، واحد يتحدث بالخلوي، واحد يحشر إصبعه في أنفه، واحد يطقطق بالمسبحة، واحد يتحدث مع بوليس آخَر ويلوّح للسير عشوائياً بقفا يده، واحد يوقف صديقاً له فيفتح معه حواراً والسير يتراكم خلف صديقه الجهبوز، الى نماذجَ كثيرةٍ يعرفها المستمعون الآن أكثر مني ويعانون منها كل يوم.
لذا، مع قناعتنا بحزم وزير الداخلية السابق ووزير الداخلية الحالي، نصرّ على وزارة الداخلية أن تُخضع رجال شرطة السير لدورات تأهيل يتدربون فيها أولاً على أخلاقيات التصرف مع المواطنين، ثانياً على أخلاقيات الوظيفة والانضباط، ثالثاً وعاشراً وأخيراً أن يكونوا مرآة البلد بحضورهم لا أن يكون بوليس السير متواطئاً مع المخالفين ضد السير وضد الدولة، ثم يقبض معاشه آخر الشهر من جيب المواطن ومن خزينة الدولة.