10 تموز 2007 العدد 12251 السنة 36
يتسابق مؤرِّخو العلْم على التباهي بعلماء غربيين حَكُّوا رؤوسهم في برهنة “الـمُسَلَّمة الخامسة” لأقليدس، ويتجاهلون (عمداً أو عفواً) أعمال علماء الرياضيات العرب وما تدين لهم بها نهضة أوروبا القرن السابع عشر.
في طليعة هؤلاء: الخوارزمي (خبير عناصر أقليدس)، الجوهري، ثابت بن قرّة، النريزي، ابن الهيثم، الهيثم، نصير الدين الطوسي، ابن البنّا، ابن القلشدي، وحتى عمر الخيام. وبرهنة “الـمُسَلَّمة الخامسة” لأقليدس اشتغل عليها العلماء العرب سبعة قرون (من التاسع الى الخامس عشر). وهي تاهت طويلاً بين مبرهنيها العرب والغربيين، لما فيها من أفق واسع أطلقه أقليدس تاركاً لأجيال العلماء بعده برهنتها.
هذه المسألة، على أهميتها وصعوبتها في آن، شغلت عالِم الرياضيات اللبناني المهندس رشيد متى متى طوال عشرين عاماً من البحث والتنقيب حتى تمكن من برهنة “الـمُسَلَّمة الخامسة” بعشر طرق سنة 2004، وبلغ بها اليوم إحدى وسبعين طريقة مختلفة (نتيجة فريدة في تاريخ الرياضيات!) ووضع فيها كتابه “ثلاثمئة سنة من الضلال في الجيومترية”.
خلاصة نظرية رشيد متى متى أنّ جيومترية أقليدس (325-265 ق.م.) ترتكز على “الـمُسَلَّمة الخامسة”: إحادية الخطوط المتوازية في المسطَّح القويم. والعلماء، منذ 2300 سنة حتى اليوم، حاولوا البرهنة وقدموا حلُولاً متفاوتة الدقة والصحة، فخالف بعضهم أقليدس وجاؤوا (منذ نحو قرنين) بجيومتريات متناقضة (منها الهيبيربولية والأباتيكية) بنى على أساسها آينشتاين نظريته عن النسبية. إزاء ذلك، بات في قناعة علماء الرياضيات (منذ مطلع القرن العشرين) أن برهان “الـمُسَلَّمة الخامسة” أمر مستحيل، حتى جاء العالِم اللبناني رشيد متى متى فبرهنها ونشرها في كتابه الضخم المتخصِّص “ثلاثمئة سنة من الضلال في الجيومترية”، وأوضح فيه، بالشرح المفصل، أخطاء علماء الرياضيات الذين يستند إلى نظرياتهم كثيرون من الخبراء الحاليين.
وإذا كان الحل الواحد كافياً للبرهان، فرشيد متى متى بلغ 71 طريقة يشرحها حالياً ويناقشها في جامعات أخذت تدعوه إلى طلابها، فيعرضها بالعربية والفرنسية والإنكليزية (حسب طلب الطلاب)، وبدأ يتراسل على الإنترنت مع كبرى المؤسسات العالمية ومراكز أبحاث الرياضيات في الغرب، وتتّسع شبكة اتصالاته مع كبار علماء الرياضيات في كبرى جامعات العالم، ويتلقى دعوات من جامعات عالمية، يلبيها جميعها، وهو على استعداد للذهاب الى أي جامعة في العالم تدعوه إليها لعرض حلوله وطرائقه التي ستقلب مفاهيم أساسية كثيرة في الرياضيات.
في كتابه الجديد “ثلاثمئة سنة من الضلال في الجيومترية” خصص رشيد متى متى فصلاً مسهباً كاملاً لمحاولات العلماء العرب، وأكمل محاولة ابن الهيثم (965-1039) وكان اقترب كثيراً من برهنة مسلَّمة أقليدس، فجاء رشيد متى وأكملها نهائياً.
الغرب الذي يظن أنه دائماً هو الرائد والسبّاق والمبادر، قد تكون ذاكرته ضعيفة، أو هو يتعمّد أن يطمس إنجازات المبدعين العرب كي يظلّ له وحده وهجُ الصورة.
رشيد متى متى يقلب الطاولة على الادعاء والمدّعين، ويثبت أن ما عجز عنه علماء الرياضيات في الغرب منذ قرون، جاء يُـثْبته، بعبقريته المبدعة في الرياضيات، عقل متفرِّد من لبنان.