الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد ثلاثة عشر جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي، هنا الجواب الرابع عشر من الكاتب اللبناني (في الفرنسية) ألكسندر نجار. هنري زغيب
email@henrizoghaib.com
_____________________________________
___________________________________________
________________________________________________
14) ألكسندر نجار: الحرية
الأربعاء 8 أيلول 2010
كنتُ سأجعل “القنوط” كلمتي الأَحبّ، لشعورٍ باليأس شديدٍ كان يغمر شباب جيلي طوال الحرب اللبنانية.
وكنا نعتبر هذا الشعور يتحدّانا كي نحاول، بتضامننا وتفاؤلنا، التغلّب عليه وعدم الاستسلام للحزن والإحباط.
لكنّي، تماشياً مع تعاليم سعيد عقل بإلغاء العبارات السلبية من قاموسنا، استبعدتُ “القنوط”، لأختار كلمة “الحريّة” التي واكبَتْني منذ الصغر .
عن ميغيل دي سرفانتِس في “دون كيشوت” أن “الحرية إحدى أغلى هبات وَهَبَتها السماءُ البشر. من أجلها ومن أجل الشرف، نجازف بحياتنا”.
وفعلاً:
على الحرية أن تسُود فكرنا وحياتنا ومجتمعنا ووطننا الذي كان وسيبقى “آخر معبد في الشرق يمكن الإنسان أن يرتدي فيه النور” (ناديا تويني)، فيحثنا على النضال من أجل حريّة التعبير وحريّة المعتقد ودولة القانون والاستقلال الحقيقي.
غالبية مؤلّفاتي تندرج تحت عنوان “الحريّة”.
حتى كتابي “يوحنا المعمدان” يدخل في هذا السياق لأن القديس يوحّنا تحرّر من المادة ليعيش في الصحراء ويبقى حرّاً رغم سجنه.
وكذا كتابي الأخير “ميشال زكّور”، لأن ذاك الصحافي الثائر المتمرّد رفض الانتداب الفرنسي وجعل جريدته “المعرض” منبره للمطالبة بالاستقلال.
حتى اختياري المحاماة مهنتي، يعود إلى تمسّكي بالحريّة، لأن المحامي يعمل باستقلاليةٍ ويؤمِن بحقوق الإنسان والحريّات العامة ويعمل على رفع الاجحاف عن الناس وعلى تحريرهم من الظلم والتعسّف.
المحامي خطّ الدفاع الأول عن الحريّات.
وكذلك الكاتب والمثقّف.
وهذا ما يفسّر “اعتناقي” المحاماة والكتابة معاً.
___________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الخامسة عشرة: جورجيت جبارة