حدثَ ذلك في يوم واحد.. يوم واحد فقط: … وسطَعَ اسمُ لبنان في العالم مدَوِّيًا كما نورُ منارةٍ كبرى يُشْرقُ فجرَ البحر.
الدكتور فيليب سالم بانتشار خبَر سعيد تناولَتْه أَميركيًّا محطةُ ABC التلفزيونية وبريطانيًّا جريدةُDaily Mail اللندُنية في اليوم العالَمي للسرطان (4 شباط)، وهو عن تطوير الدكتور سالم سْتراتيجيَا جديدةً لمعالجة الأَمراض السرَطانية في مراحلها المتقدِّمة، وخبَر سعيد عن الدكتور نوَّاف سلام بانتخابه رئيس محكمة العدل الدُوَلية في لاهاي (أَعلى سلطة قضائية في العالَم، من هنا تسميتُها “محكمة العالَم”).. واندلع الخبَر في الصحافة العالَمية والمحلية بإِنجازَين مشَرِّفَين لعَلَمَين من لبنان: أَوَّلُهما بعد خبرة 56 سنة في الأَبحاث السرَطانية، والآخَر بعد خبرة خمس سنوات قاضيًا في تلك المحكمة، سبَقَتْها خبرةُ عشر سنواتٍ سفير لبنان لدى الأُمم المتحدة، وممثِّله خلالها سنتين لدى مجلس الأَمن وترؤُّس أَعماله في دورتَين.
فيليب سالم، في “المركز الطبي للسرطان” الذي يحمل اسمه في هيوستن، صمَّم العلاج الجديد ICTriplex بـمزْج ثلاثة علاجات معًا: العلاج المناعي مع العلاج الكيميائي مع العلاج المستهدَف. وتصميمُه هذا يطال كلَّ مريض وفْق حالته الخاصة ونوع السرطان الذي أَصابه.. لذا يختلف هذا العلاج بين مريض وآخر فلا يعالَج به اثنان ولو كانا مصابَين بالمرض ذاته.. من هنا يُبنى بروتوكولٌ علاجيٌّ خاص بعد تحديد هوية المرض البيولوجية وفْقَ فحص الأَنسجة الوَرَمية نسبةً إِلى خارطة الجينات وما فيها من متغيِّرات.. وهو علاجٌ خضَع له 60 مريضًا كانوا استنفدوا العلاجات التقليدية ولم يبقَ أَمامهم سوى انتظار الموت، فاستجاب 52% منهم كليًّا لهذا العلاج، و36 % جزئيًّا، أَيْ أَن 88% استجابوا، وبعض هؤُلاء المرضى أَحياء في حالة صحية جيدة بعد خمس سنوات من بدء المعالجة! ومع كل هذا النصر العظيم للطب، ما زال التواضعُ سمَةَ فيليب سالم سعيدًا بوهْب مرضاه فرحَ الحياة.
نوَّاف سلام، قاضيًا ومحاميًا ومؤَلِّفًا ودبلوماسيًّا وأُستاذًا جامعيًّا في باريس (السوربون) وبيروت (الجامعة الأَميركية)، يتخطَّى بشهاداته الجامعية سقْفَ الأَلقاب الأَكاديمية والقضائية والحقوقية ليتكرَّس مرجعًا فيها جميعها وعلَمًا لبنانيًّا متفرِّد المواهب والمسيرة.. ومع ذلك تمنَّع بعض “بيت بو سياسة” عن ترشيحه لرئاسة الحكومة اللبنانية، ولو تهيَّأَت لها الظروف لكنَّا نَكبُرُ برئيس حكومة من مستوى عالَمي خبرةً وحزمًا وشرَفَ مسيرة.. فليس أَكبَر للبنان من رئيس وزراء عالَميِّ الخبرة والقيادة يتولَّى شؤُون الدولة مع فريق وزراء يشبهونه اختصاصًا وخبرةً كلٌّ في حقله، للنهوض بلبنان من كَبواتِه الـمُميتة إِلى صَبواتِه الـمُحْــيِــيَــة.
من فيليب سالم إِلى نوَّاف سلام، تحيةُ علَمَين يُشرقان على قمة لبنان الوطن، أَي لبنان الدائم، أَي لبنان الخالد، ويتكرَّسان له ومنه وبه، فيما لبنان السلطة غارقٌ في عنعنات سياسييه وتجاذباتهم ومواقفهم وتعنُّتاتهم واصطفافاتهم، وجميعها زائلة عابرة كالغيم العابر، مثلما هم جميعهم زائلون شوَّهوا الدولة حتى باتت أَشلاء مشتَّتة تنتظر موفَدي الدُوَل كي يجمعوها ويلملموا أَجزاءَها الـمُفَتَّتَة ويساعدوها حتى على انتخاب رئيس لها بعدما استقال أَهلُ البيت من إِنقاذ البيت.
إِنه العقل اللبناني المبدع في العالم، حيال العقل اللبناني العقيم في الحُكْم.
هذا هو الفرق بين الوطن الثابت والسلطة المتغيِّرة المفترَض أَن تبني له الدولة.. وفيما العالَم اليوم يُشفِق على لبنان الدولة، يتطلع بإِكبارٍ إِلى لبنان الوطن الخالد نصَّعه “أَبو خالد” فيليب سالم والقاضي العالَمي نوَّاف سلام وأَضاءَاه بهيًّا على خارطة العالَم.
وليس أَبلغ من ختْم هذا المقال بمقولةٍ يردِّدها الدكتور فيليب سالم: لا أَنَّ “الشمس ليست تغيب عن أَراضي المملكة المتحدة ومستعمراتها في العالَم”، بل أَنَّ “الشمس لا تغيب عن كوكبة اللبنانيين الـمُضيئين في العالَـم”.
هـنـري زغـيـب
email@henrizoghaib.com