هنري زغيب
مع أَن الرسَّام الفرنسي إِدغار دوغا Degas (1834-1917) من مؤَسسي المدرسة الانطباعية، لم يكن يُحب هذه التسمية، ويفضل عليها المدرسة “الواقعية” أَو “المستقلَّة”.
من هنا جاءت مجموعة لوحاته عن راقصات الباليه بين أَبرز المواضيع التي عالجها. ذات يوم قال لصديقه تاجر اللوحات الپاريسي أُمبْرْوَاز ڤولار: “يسمِّيني كثيرون رسَّام الفتيات الراقصات، ولا يخطر في بالهم أَن غايتي من رسمهِنَّ ليست الفتيات بل الْتقاط هنيهاتٍ من حركتهنَّ المتنقِّلة ورسْم ملابسهنَّ الجميلة”.
هنا سَبعٌ من أَجمل لوحاته في هذا الموضوع.
- درسُ الرقص (1870)
هي أُولى لوحات دوغا في سلسلة مجموعته عن راقصات الباليه. الراقصة في الوسط هي جوزفين غوجلان التي أَصبحت لاحقًا ممثلة شهيرة في مسرح “الجيمناز” (تأَسس في پاريس سنة 1820، واشتُهر بأَعمال درامية وشعبية). وكانت جوزفين وقفَت “موديلًا” لــدوغا أَكثر من مرة بثياب الرقص حين كان عند مطلع مرحلته في رسْم الراقصات. أَما لماذا اختار دوغا رسْم تلك المجموعة، فلأَسباب عدَّة، أَبرزُها أَنها مطلوبة، إِذًا سريعة التسويق فالبيع، وكان الرسَّام في حاجة مادية مُلحَّة إِلى بيع لوحاته.
اللوحة اليوم لدى متحف متروپوليتان في نيويورك (تأَسس سنة 1870).
- عازفون في أُوركسترا (1872)
رسَم دوغا العازفين في فرقة موسيقية سنة 1872 ثم أَعاد ترميمها لاحقًا ووسَّعها وعدَّل شكلها من أُفقية إِلى عمودية. ورسم في النسخة الجديدة بعض ما جاء في النسخة الأُولى.
اللوحة اليوم في متحف سْتادِل فرنكفورت (تأَسس سنة 1817).
- رقص في قاعة الأُوپرا (1872)
رسم دوغا عشر راقصات باليه يَخضعن للامتحان في قاعة الأُوپرا الكبرى. في الوسَط بالأَبيض، إِلى يمين اللوحة، مدرِّبُ الرقص الشهير في دار الأُوپرا لويس فرنسوا غارنييه يعطي تعليماته للراقصات كي ينفِّذْنَها. احترقَت دار الأُوپرا سنة 1873، ولم يكن دوغا يستسيغ المبنى البديل سنة 1875، مع أَنه كان صرحًا كبيرًا يستوعب نحو 200 عنصر لرقص الباليه دفعة واحدة.
اللوحة اليوم في متحف أُورساي – باريس (تأَسَّس سنة 1810).
- تمرين باليه على المسرح (1874)
وضع دوغا هذه اللوحة بالمناخ الرمادي من الأَلوان، في تقنية لتوزيع الضوء شبيهة بما تَصدر بها الصورة الفوتوغرافية. وهو بدأَ ببعض العتمة في الأَعلى وانتهى بالفاتح الـمُشرق عند أَقدام الراقصات. لفتَت اللوحة، بتقْنيتها هذه، انتباه النقَّاد والروَّاد في معرض الانطباعيين سنة 1874، حتى أَن الرسام جيوزيـپـي دو نيتيس كتب عنها لأَحد أَصدقائه: “مذهلة هذه اللوحة وفوق الوصف: الملابس فيها ساحرة وحركة الراقصات من أَبدع ما يمكن تصويره”.
اللوحة هي اليوم أَيضًا في متحف أُورساي – پاريس.
- “النجمة” أَو “راقصة على المسرح” (1878)
رسَم دوغا في هذه اللوحة راقصة منفردة على خشبة المسرح الخاوية. إلى يسار الستارة يبدو جزء من مدرِّب الراقصة. ولم يكن سهلًا على دوغا أَن يتبيَّن ما في الكواليس خلف الستارة. إِنما كان ذلك مُمكنًا لـمُتموِّلين ذوي حصص في المسرح، كانوا يدخلون كي يغازلوا الراقصات. من هنا ما كتبَه دوغا لأَحد أَصدقائه: “هل لك سلْطةُ أَن تحصل لي على إِذْنٍ بدخول كواليس المسرح أَثناء التمارين؟ أَخجل أَن أَطلُب ذلك من مدير المسرح، وأَودُّ أَن أَرسُم ما يجري خلْف المسرح بعدما رسمتُ عددًا من اللوحات لِما يجري على خشبة المسرح”.
هذه اللوحة أَيضًا موجودة في متحف أُورساي – پاريس.
- راقصات باللباس الزهريّ (1884)
نحو 1880 غيَّر دوغا مزاج مَلْوَنَته من الرماديّ إِلى أَلوان مُشرقة، معظمُها بين الأَحمر الفاقع والخمريّ. ومع تغيير الأَلوان، غيَّر أَيضًا أُسلُوبه وتقْنيته باعتماد الپاستل أَكثر من الزيت، وبإِدخال وسائطَ أُخرى كالغواش والأَلوان المائية والزيت الممزوج بالتربنتين، فكانت تلك مرحلةً متقدمة من مسيرته التشكيلية.
اللوحة اليوم في متحف الدانمارك الجديد – كوپنهاغن
- راقصات باللباس الأَزرق (1899)
اللوحات التي وضعها دوغا في كواليس المسرح أَقلُّ من تلك التي وضعها في محترفه حيث كان يدفع مالًا لراقصات أَمامه كي يرسمهنّ. والطريف أَنّ شرطة الأَخلاق لاحظَت ذلك فداهَم عناصرُها المحترف ذاتَ يوم كي يطِّلعوا على سرّ تردُّد تلك الفتيات القاصرات إِلى المحترف جَماعيًّا دُخولًا وخروجًا، فإِذا معظمُهُنَّ من بنات الهوى اللواتي يرضَين أَن يأْتين إِلى المحترف لقاءَ حفنة نقود.
اللوحة اليوم في متحف پوشكين – موسكو.
كلام الصور
- دوغا: درس الرقص (1870)
- رقص في قاعة الأُوبرا (1872)
- تمرين باليه على المسرح (1874)
- راقصات باللباس الزهريّ (1884)
- راقصات باللباس الأَزرق (1899)