أ) في جوهر الشعر
ما الشعر؟
ما الذي يستاهل أن يسمّى “الشعر”؟
هل يُمكن “تَحديد” الشعر كما يتحدّد أيُّ فَنٍّ آخر؟
ما الذي “يَجب” في الشعر، وما الذي “لا يَجب”؟
إذا كان “وجوبُ” الوزن في الشعر ضرورةً ليكون “شِعراً” (تَمييزاً له عن النثر)، فهل كلُّ كلام “موزون” هو في جوهر الشعر؟
وإذا كانت القافية لازمةً كي يفترق “السجَع” في النثر عن “التقفية” في الشعر، فهل كلُّ قافيةٍ تَصُبُّ في جوهر الشعر؟ وهل تكفي القافية وحدها، أو الوزن وحده، لِتمييز النثر عن الشعر؟ وهل يرفع من النثر أن يكون فيه شيءٌ من الشعر؟ وإن كان كذلك، فهل هو كافٍ ليقال عنه “النثر الشعري” أو “الشعر المنثور”؟ وهل يضير الشعر أن يكون فيه شيءٌ من النثر؟
هذه الأسئلة وسواها طَرحَتْها الناقدة فْريدا هيوز[1] وهي تودّع قرّاء زاويتها الأُسبوعية في جريدة “التايمز” بعد سنتين من متابعتها نصوصَهم الشعرية ونشرِها إيّاها والتعليق عليها، مؤكدةً أن “القافية والوزن والإيقاع ثالوثٌ إلزاميٌّ للشعر“. ومن أهمّ ما ذكَرتْهُ أنّ “الكلمات في الشعر هي غيرُها في النثر“، بِمعنى “أن تكون، في الشِعر، منتقاةً في عنايةٍ قد لا يتطلّبها استخدامُها في النثر“. وذهبَت أبعد، فنوّهت بأنّ مِمّا “يَجب” في الشعر: “الهيكلية العامة، المسؤولية في كتابة القصيدة، وضرورة السعي دائماً إلى إيجاد “جديدٍ” للشِعر غير مألوف في النثر، أو حتى في الشعر المتداوَل”. من هنا “قدرةُ القصيدة على أن ترفع قارئها إلى حالة راقية سامية”. وبين ما “لا يَجب” في الشعر: “ألاّ تكون القصيدة نُخبوية التعبير (فتبقى قصراً على قرّاء قليلين يعتبرونها لهم ولا يجد الآخرون فيها أيّ تواصل بينهم وبين القصيدة)، وألاّ تكون القصيدة ذات سهولة مَجّانية تَجعلها كلاماً عادياً مكرّراً لا يَجد المهتمون أيّ دافع لصرف دقائق على قراءتِها”.
[1] ) شاعرة ورسامة إنكليزية (1960 – ) هي ابنة الشاعر تِد هيوز. تولت صفحة الشعر في جريدة “التايمز” اللندنية (2006-2008).